بسم الله
تربية الأولاد في الإسلام
إنشاء من قبل : عبد الحميد رميته , من الجزائر
إن أول خطوة على طريق إقامة الدولة الإسلامية المنتظرة:دولة الله ورسوله محمد-ص-لا دولة "فلان" أو"علان" التي تنشر العدل والسلام في الأرض كلها,والتي لا يتم إيمان مؤمن إلا بالإيمان بوجوب إقامتها(حتى وإن قصَّرَ في العمل من أجل تحقيقها), إن أول خطوة هي التعليم والتوعية والثقافة للشعوب العربية والإسلامية حتى يرتفع كل فرد منها إلى المستوى الذي يَسمحُ له بأن يصبح مستعدا للتضحية بماله وجهده ووقته وبأغلى ما يملك من أجل تحقيق ذلك.وهذا التعليم وهذه التوعية وهذه الثقافة لا ولن تعطي ثمرتها الطيبة كما ينبغي, إلا إذا تعاونت فيها أطراف مختلفة تعاونا حقيقيا-لا شكليا-مثل الشارع والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام والبيت.ولا أظن أن اثنين مؤمنين عاقلين يمكن أن يختلفا في أن دور البيت هو الدور الأهم والأعظم والأخطر والأكبر.فإذا أصلحَ البيتُ الطفلَ سهُل على الغير مواصلة الإصلاح , وإذا أفسدَ البيتُ الولدَ صَعب على غيره ابتداء الإصلاح.وإصلاح البيت وإفساده المقصودان يتمثل أولا وثانيا وأخيرا في قيام الوالدين بدورهما الكامل في تربية الأولاد أو بتقصيرهما في ذلك أو قيامهما بدور التهديم لا البناء .
وفيما يلي مسائل مختلفة ومتفرقة ,مبعثرة وبسيطة,بعضها أكثر أهمية من بعض لكنها كلها مهمة ومهمة للغاية بإذن الله, أقدمها بين يدي كل زوجين وكل والدين ,سواء على سبيل التعليم أو على سبيل التذكير, عسى أن يستفيدا منها اليوم أو غدا أو بعد غد.وأشير هنا إلى أن النصائح والتوجيهات الموجهة عموما للزوجين أو للأبوين متعلقة بتربية الأولاد في الفترة ما بين الولادة وسن الرابعة عشر أو سن البلوغ للذكر أو للأنثى ,وأنا لم أذكر-بالنسبة لأغلبية المسائل-السن المقابل أو المناسب لكل نصيحة أو توجيه,حتى تبقى عامة يمكن أن يستفيد منها كل زوج أو زوجة,وكل أب أو أم,كل واحد منهما على حسب فهمه وعلى حسب قدراته وعلى حسب إمكانيات ولده أو ابنته البدنية والنفسية والعقلية والروحية .
أما المسائل التي ذكرتها مرتبطة بسن معين للطفل أو بفترة معينة من عمر الطفل ,فإنني في أغلبها أنقل من علماء ,وفي البعض والقليل منها أذكر رأيي المتواضع,لكن ربط النصيحة والتوجيه بسن معين أو بفترة معينة يبقى نسبيا إلى حد كبير :
-لأن الإنسان عالم معقد .
-ولأن علم التربية من العلوم الإنسانية وأحكام العلوم الإنسانية فيها من النسبية ما فيها .
-وقبل ذلك كله وبعد ذلك كله لأن هذا الربط لم يرد فيه كتاب أو سنة أو إجماع .
والله الموفق والهادي لما فيه الخير أولا وأخيرا .
لكن قبل ذلك أحب أن أنبه-من باب الصراحة الزائدة ,وحرصا على الأمانة العلمية,وإبراء للذمة أمام الله وأمام الناس,وعلى سبيل التذكير أو التعليم- إلى جملة ملاحظات أساسية ومهمة جدا :
الأولى : ليس شرطا أن يطبق الأبوان كلَّ ما ذُكر في هذه الرسالة من مسائل ,وإنما يجتهدان على أن يطبقا ما استطاعا من ذلك, فقد أطبِّق أنا البعضَ مما أقدرُ على تطبيقه منها ويطبقُ غيري البعضَ الآخر مما يستطيع تنفيذُه منها (والسبب في ذلك عوامل كثيرة جدا من الصعب إحصاؤها )ولا يجوز أن ألوم أنا هذا الآخر,ولا يجوز للآخر أن يلومني .أما أن أطبق أو يطبق غيري كلَّ ما ذُكرَ فيكاد أن يكون ذلك أمرا مستحيلا .
الثانية : ما يقال من أنه "كما يكون الأبُ يكون الابنُ " ليس صحيحا 100 % , وإلا لما كان بن سيدنا نوح-ص- كافرا مع أن أباه كان نبيا ورسولا .والتاريخ مليء بالشواهد على صحة ما أقول ,فما أكثر ما رأينا وسمعنا عن علماء وصالحين لكن أولادهم كفار أو على الأقل فسقة وفجار,والعكس صحيح أي ما أكثر الكفار أو الفساق الذين خرج من صلبهم مؤمنون صالحون أتقياء .إن الأب -أو الأم-لا يلام ولا يحاسب بإذن الله على انحراف ابنه أو ابنته إلا إذا قصر في التربية والتعليم والتأديب والنصح والتوجيه, أو قصَّر في إعطاء القدوة الحسنة لأولاده .أما إذا فعل ما عليه ثم انحرف ابنه أو ابنته فإن ذمته بريئة عند الله تعالى,ولا لوم عليه ولا عتاب ولا توبيخ ولا...
الثالثة :ليس صحيحا بالمرة ما يقال من أن "الطفل الصغير صفحةٌ بيضاء تكتبُ عليها ما تشاء",بل إن الإنسان –والطفلُ إنسانٌ –كائن معقد للغاية على خلاف الجمادات والنباتات والحيوانات.
صحيح أن التربية في الصغر أسهل بكثير من التربية في الكبر,لذلك قال النبي-ص-عن فترة الصغر
كل مولود يولد على الفطرة,فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه),لكن هذا شيء والقول بأن الطفل-وهو صغير- نفعلُ منه ما نشاء وكيفما نشاء شيء آخر.ويحضرني هنا قول لزوجة الرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" والتي تسمى "هيلاري"عن تربية الطفل :" Il faut tout un village Pour éduquer un enfant " أي أنه "تلزم قرية بكاملها من أجل تربية طفل واحد". والله وحده المستعان أولا وأخيرا .
1-إن من واجباتكما في مجال تربية الأولاد وحسن رعايتهم :مراقبة أولادكما ومتابعة نشاطاتهم, واختيار الرفيق الصالح والكتاب النافع لهم,وحل مشكلاتهم عن طريق الإقناع وبالتي هي أحسن.
وهذا يستلزم منكما أن تُعدا نفسيكما إعدادا مستمرا، وأن يكون لكما اطِّلاعٌ واسعٌ على أساليب التربية الصحيحة .
2-علما أولادكما القرآن الكريم والسنة الشريفة .
3-اختنا الذكور من أولادِكما من الصغر, فإن الاختتان من سنن الإسلام .
4-مرا أولادكما بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضرباهم عليها وهم أولاد عشر سنين-كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- ولا تتهاونا في ذلك فتأثمان .
5-من الجهل بمكان أو من المخادعة بمكان أن نَقول للمرأة المستقرة في بيتها :أنتِ مسكينة لأنكِ عضو مشلول لا دور له في الحياة . إن هذا الكلامَ لا يصحُّ من جهات عدة :
أولا :لأن مهمة تربية الأولاد (مع الإشراف على خدمة الزوج والبيت والأولاد) أعظم وأخطر مهمة في الحياة ,لأنه باستقامتها يستقيم كل شيء وباعوجاجها يعوج كل شيء . والرجل في عمله خارج البيت يتعامل مع جمادات ,أما المرأة فتتعامل مع الإنسان الذي كرَّمه الله وفضله على سائر مخلوقاته و"الأنبياء -كما يقال- ربتهم نساء" و"وراء كل رجل عظيمامرأة" ,وهذه حقيقة لا مكان فيها للمجاملة.وشتان بين هذه المهمة وتلك .
ثانيا:لأن الذين يقولون هذا الكلام يكيلون بمكيالين ,فإذا اعتبروا أن المرأة مشلولة إذا لم تعمل خارج البيت ,فلماذا لا يقولون عن الرجل -لأنه لا يعمل داخل البيت- بأنه مشلول لماذا ؟ أجيبوني يا ناس؟
6-اختارا لأولادكِما الأسماء الحسنة ,فإن ذلك من حقوق الأولاد على الآباء والأمهات.
7-لا تفضلا الذكور من أولادِكما على الإناث,فإذا فعلتما ذلك كان الواحد منكما كمن يحتقر نفسَهُ ,فضلا عن أن هذا من بقايا الجاهلية التي يُفترضُ أن الدهر أكل عليها وشرب .
8-أدِّبا أولادكما وكلِّفاهم من الصغر بفضائل الأعمال ليتعودوا عليها بسهولة في الكبر.
9-يجب المساواة بين الأولاد في العطية ولا يجوز تفضيل واحد منهم على الآخر.
10-على الزوجين الاتفاق بينهما دوما على الأساليب الأنسَب لتربية الأولاد ,وعليهما أن يعلما أن الاختلاف مضر بهم وبأخلاقهم ,وأن السفينة التي يقودها ربانان مختلفان ستغرق حتما في النهاية .
11-المطلوب الإسراع في تزويج البنات أكثر من الإسراع في تزويج الذكور :
ا-لأن عدد النساء أكثر من عدد الرجال.
ب-ولأن المرأة مطلوبة والرجل طالب والمرأة مخطوبة والرجل خاطب.
جـ- ولأن أغلبية الأعذار التي تعتذر بها الفتاة –عادة-عن عدم استعدادها للزواج واهية.
د-ولأن الأفضل شرعا ومنطقا وعادة أن يكون عمر الزوج أكبر من عمر الزوجة .
12-كما تهتمان ببطون الأولاد وبلباسهم وشرابهم وفراشهم وغطائهم وسكنهم, اهتما كذلك وأكثر بدينهم وأدبهم وأخلاقهم وأمانتهم .
13-الاحتفال بعيد الميلاد بدعة مرفوضة شرعا ودخيلة علينا من اليهود والنصارى –سواء كان حكمها الكراهة أو التحريم-. فعليكما أيها الأبوان أن لا تتركا الأولاد يفرضونها عليكما تحت ضغط المجتمع والشارع ووسائل الإعلام وعلى رأسها التلفزيون و..البعيدة جدا عن الإسلام .
14-علما طفلَكما النطقَ ب "لا إله إلا الله محمد رسول الله" من الصغر فإنها خير وبركة ,فضلا عن كونها مفتاح الجنة والمنجية من النار.
15-اغرسا محبة الله والإيمان به والطمع في رحمته والخوف من عذابه في قلب الولد من الصغر.
16-رغِّبَا الأولاد في الجنة وصفا لهم أهلها حتى يكونوا منهم ,وحذراهم من النار وصفا لهم أهلها كذلك حتى يبتعدوا عن صراطهم .
17-علما أولادكما أن يسألوا الله وحده وأن يستعينوا به وحده ,وحذراهم من الشرك به سبحانه وتعالى ,سواء الشرك الأصغر (الذي يعتبر معصية وصغيرة من الصغائر) أو الأكبر (الذي يعتبر كفرا مُخرجا من الملة ) .
18-حذرا أولادكما من الكفر والسب واللعن والشتم والكلام البذيء ,وأفهماهم بلطف أن كل ذلك إما كفر وإما معصية تُغضب اللهَ وهي حرام في الحالتين , وأن اللسان السيئ وراءه غالبا قلب سيئ .وعليكما أن تكونا قدوة حسنة في ذلك .
19-حذرا الأولاد من الميسر بأنواعه ولو كان للتسلية ,وأفهماهم أن بعض الميسر(الذي لا يكون فيه تعامل مع المال) وإن لم يكن حراما حرمة صريحة فإنه قد يؤدي إلى الحرام .
20-امنعا أولادكما من التفرج على المجلات الخليعة,والصور المكشوفة والعارية للنساء ,والقصص البوليسية والجنسية الهابطة . وامنعاهم كذلك من التفرج على مثل ذلك من خلال الأفلام والأشرطة في السينما والتلفزيون لضررها المؤكد على أخلاقهم في الحاضر وفي المستقبل ,ولأن هذا التفرج وتلك المطالعة من جهة أولى وأخيرة حرام .
يتبع في الأيام المقبلة بإذن الله :